اهتمام عالمي بمقاطعة الإخوان المسلمين الاستفتاء

(فاينانشيال تايمز): التعديلات الدستورية أغلقت نوافذ الأمل في مصر- (ليبراسيون): الدستور الجديد لن يمنع الإخوان من إنشاء حزب سياسي بمرجعية إسلامية

تقرير- حسين التلاوي
الموقف الذي اتخذته جماعة الإخوان المسلمين بمقاطعة الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية أثار اهتمام عدد من صحف العالم الصادرة اليوم الخميس 22/3/2007م، بالإضافة إلى استمرار الاهتمام بالمناخ السياسي الراهن في البلاد على خلفية التعديلات الدستورية.

ففي الـ(واشنطن بوست) والـ(نيويورك تايمز) الأمريكيتَيْن ورد تقريرٌ عن قرار الجماعة مقاطعةَ الاستفتاء الشعبي المقرَّر الأسبوع القادم على التعديلات الدستورية؛ بسبب ما تمثله تلك التعديلات من تراجع عن الديمقراطية في مصر، التي وصفها التقرير بأنها الحليفُ الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وذكر التقرير أن جماعة الإخوان تؤكد أن التعديلات المقترَحة تحدُّ من الحريات الفردية وتحُول دون أن تتحوَّل الجماعة إلى حزب سياسي وتكرِّس السلطات في يد الرئيس.

ويذكر التقرير أن ذلك ينفي صحَّة المبرِّرات التي ساقها النظام المصري لإقرار التعديلات من أنها ستُتيح المزيد من الديمقراطية في تلك البلاد التي يحكمها الرئيس حسني مبارك منذ ربع قرن دون أدنى منافسة، وذكر التقرير أيضًا أن تلك التعديلات تُعتبر الأوسعَ منذ إقرار الدستور في العام 1971م.

د. محمد حبيب

وأورد التقريرُ بعض المواقف والتحرُّكات التي قامت بها الجماعة، ومن بين ما ورد كانت تصريحات الدكتور محمد حبيب- النائب الأول لفضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين- التي أعلن فيها مقاطعة الجماعة للاستفتاء، كما أورد التقرير البيانَ الصادرَ من الجماعة الذي ذكر أن التعديلات تمَّت صياغتُها وإقرارُها بصورة فردية، كما أضاف البيان أن تمرير التعديلات بهذه الطريقة هو أمرٌ يعني "هيمنة حزب واحد لا يعبر عن الشعب"، كذلك أوضح أن حوالي 3 آلاف من طلبة جماعة الإخوان المسلمين تظاهَروا في جامعة القاهرة ضد التعديلات، مردِّدين هتافاتٍ معارِضةً للحكومة وسْط حضورٍ أمنيٍّ مكثَّفٍ خارج أسوار الجامعة دون وقوع أية اشتباكاتٍ.

وأشار التقرير إلى أن الجماعة تُعتبر القوةَ المعارضة الأولى في مصر وتَحوز 88 مقعدًا في مجلس الشعب وتتعرَّض بين الحين والآخر لحملات اعتقال واسعة النطاق من جانب السلطات المصرية، وهي الحملات التي شهدت تصاعدًا في الفترة الأخيرة، وأسفرت عن اعتقال حوالي 350 من أعضائها تمَّت إحالة حوالي 40 منهم- يعتبرون من أبرز قيادات الجماعة- إلى القضاء العسكري، ويشير التقرير إلى أن عدد أفراد جماعة الإخوان المسلمين يُقَدَّرون بمئات الآلاف.

ويذكر التقرير أن أغلب التعديلات الدستورية تهدف إلى حصار الإخوان المسلمين؛ حيث يمنع أحد التشريعات الجديدة قيام الأحزاب على أساس ديني، وهو ما يَحرِم الجماعةَ من الحصول على ترخيص لإنشاء حزب سياسي، كما ينصُّ تعديلٌ آخر على تقليص الإشراف القضائي على الانتخابات؛ مما يفتح الباب أمام عمليات التزوير، وهو ما أثار مخاوف المعارضة من إمكانية وقوع عمليات تزوير وتدخُّل أمني واسع النطاق في سير العملية الانتخابية.

وأورد التقرير عددًا من الحقائق حول الاستفتاء على التعديلات الدستور، ومن بينها عدم وجود أية قواعد للاستفتاء، إلا وجود خيارَين: إما بالموافقة أو رفض التعديلات؛ بحيث يكفي حصول الخيار "موافق" على الأغلبية لكي يتم تمرير التعديلات.

طلاب جامعة القاهرة ينددون بالتعديلات الدستورية
كما أوضح التقرير الموقف الأمريكي من التعديلات، فأوضح أن الولايات المتحدة قلَّلت من ضغطها على النظام المصري، والذي كان يهدف إلى تبنِّي المزيد من الإصلاحات الديمقراطية، وأشار إلى تصريحات شين ماكورماك- المتحدث باسم الخارجية الأمريكية- التي أعرب فيها عن وجود "قلق" لدى الإدارة الأمريكية من التعديلات المقترحة، موضحًا أنه يجب أن تأتي في إطار ما تعهَّدت به الحكومة المصرية بالمضيِّ في الإصلاح الديمقراطي، ولكنه عاد وقال إن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تطلق أحكامًا مسبقةً على التعديلات بالنظر إلى أن الموضوع شأن داخلي مصري"!!

إغلاق نوافذ الديمقراطية!!

أما الـ(فاينانشال تايمز) البريطانية فقد شنَّت في افتتاحيتها هجومًا حادًّا على النظام المصري والرئيس حسني مبارك؛ بسبب التعديلات الدستورية المقترحة، ففي البداية قالت الجريدة إن نهاية العام 2005م شهد ظهورَ النظام المصري بمظهر الراغب في تخفيف القيود على النشطاء السياسيين وتوسيع مساحة المشاركة في الانتخابات، وأضافت الجريدة أن هذه الفترة هي التي شهدت الدعوات الأمريكية للرئيس مبارك لكي يتوجه نحو الديمقراطية ويملكَ الكثيرُ من المصريين الجرأةَ على أن يقولوا "كفاية" للحكم الاستبدادي في مصر.

وأكدت الافتتاحية أن نوافذ الأمل التي فُتِحَت في مصر بدأت تُغْلَقُ تدريجيًّا حتى وصلت إلى مرحلة الإغلاق النهائي بعد أن سارعت الحكومة إلى سلسلة من التعديلات الدستورية تُلحق أكبر الضرر بالحريات المدنية والسياسية.

وأضافت أن الحكومة سارعت بإقرار التعديلات في مجلس الشعب الذي يسيطر عليه الحزب الوطني الحاكم، ومن المقرَّر أن يتم عرضه في استفتاء شعبي تم إعدادُه في عجالة وتحديد الأسبوع القادم موعدًا له بدلاً من الشهر القادم؛ حتى لا تتاح الفرصة للمعارضة لكي تتحرك ضد التعديلات.

وتصف الجريدة ذلك بأنه تعبيرٌ عن "عنهجية وتعنُّت" النظام الذي يزعم أن التعديلات تهدف إلى تحسين الأوضاع الديمقراطية في البلاد؛ حيث تؤكد أن التعديلات الجديدة سوف تمنح السلطات الأمنية صلاحياتٍ واسعةً للاعتقال، كما ستضع في يد الرئيس سلطةَ إحالة المتهمين في قضايا الإرهاب إلى المحاكم العسكرية والخاصة، وتؤكد الجريدة أن التعديلات الدستورية المقترَحة لن تساهم إلا في زيادة مساحة انتهاكات حقوق الإنسان، وهو المجال الذي تملك البلاد فيه سجلاًّ سيئًا بالفعل.

وأسوأ من ذلك- كما تضيف الجريدة- أن التعديلات تحظر قيام الأحزاب على أساس ديني وتقلِّل من الإشراف القضائي على الانتخابات، وتؤكد أن هذه التعديلات "مصمَّمة خصيصًا" لتهميش جماعة الإخوان المسلمين التي حقَّقت تقدمًا كبيرًا في انتخابات العام 2005م، على الرغم من كل أعمال العنف التي شابت الانتخابات.

وتذكر الافتتاحية أن التراجع السياسي الحاصل في مصر هو جزءٌ من محاولةِ الأنظمةِ الديكتاتوريةِ في العالم العربي توطيدَ دعائمِها في السلطة تحت غطاءٍ من الولايات المتحدة التي تراجعت عن مطالبتها بالإصلاح السياسي في المنطقة العربية، وعادت إلى سياستها القديمة في دعم النظم الديكتاتورية العربية؛ بسبب تأييدها سياساتها في المنطقة، وبالتالي خفَتَت شراراتُ الديمقراطية التي لمعت في المنطقة خلال العامين الماضيين.

تحذيرات للغرب

وتطالب الجريدة كلاًّ من الأمريكيين والأوروبيين بالضغط على النظام المصري من أجل تبنِّي الأجندة الإصلاحية، فتقول الجريدة إن الولايات المتحدة تقدم لمصر 1.3 مليار دولار كمنحةٍ عسكريةٍ تدعم الجيش الذي يُعتبر العمود الفقري للنظام كما يجب أن يستخدم الأوروبيون اتفاقية المساعدات المالية التي وقَّعوها مؤخرًا مع الحكومة المصرية، والتي تهدف بالأساس إلى تطوير الواقع السياسي في البلاد.

أيمن نور خلف القضبان
وتشير الافتتاحية إلى أن الغرب ربما يكون مستمتعًا بالمسرحية الهزلية التي يقدمها النظام المصري بالقول بأن إضعاف الإسلاميين سيؤدي إلى تقوية المعارضة العلمانية، لكنَّ هذا خطأٌ كبيرٌ؛ حيث إن نظام مبارك يقوم بقمع كل التيارات السياسية المعارضة، سواءٌ كانت إسلاميةً أم علمانيةً؛ مما يعني أنه لا يريد أي منافس سياسي، وتورد الجريدة دليلاً على ذلك، وهو إلقاء أيمن نور- زعيم حزب الغد المعارض- في السجن بعد أن نافس مبارك في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

وتُنهي الجريدة افتتاحيتها فتقول إن على الغرب أن يدرك جيدًا أن تحركات النظام المصري قد ترتدُّ عليه بصورة عكسية في آخر الأمر، فالضربات التي يوجهها النظام للمعارضة الإسلامية لن تؤدي إلا إلى زيادة شعبية التيار الإسلامي وإظهار روح التشدد في المجتمع.

الكل يرفض التعديلات

الـ(لوفيجارو) الفرنسية نشرت تقريرًا أشار إلى أن النظام المصري يغلق الباب أمام المعارضة بإقرار التعديلات، وذكرت أن المعارضة تعود لتمارس سياسة المقاطعة ضد أحد الاستحقاقات السياسية في البلاد، بعدما سبق أن قاطعت الانتخابات الرئاسية التي جرت في العام 2005م؛ حيث أعلنت المعارضة مقاطعتَها الجلسات البرلمانية التي عُقدت لمناقشة التعديلات الدستورية لاعتراضها عليها.

وتؤكد الجريدة أن الجماعة التي تقود احتجاجات المعارضة في مصر هي الإخوان المسلمون صاحبة الـ20% من عدد مقاعد مجلس الشعب، وتورد مبرِّرات معارضة الجماعة للتعديلات، وهي: تقليص الإشراف القضائي، وحظر إنشاء الأحزاب على أساس ديني.

د. عصام العريان
وتنقل الجريدة عن عصام العريان- القيادي الإخواني- قوله: إن النظام يغلق الباب أمام المعارضة ويحاول إقصاءَها عن الحياة السياسية من أجل الحفاظ على بقائه، وأوضح التقرير أن المعارضة المصرية ومنظمة العفو الدولية "أمنستي إنترناشونال" يرفضون التعديلات الدستورية المقترحَة؛ بسبب إضرارها الكبير بالحريات العامة في البلاد.

كذلك ذكرت الـ(ليبراسيون) الفرنسية أيضًا الانتقادات التي توجِّهها المعارضة للتعديلات الدستورية؛ حيث أشار تقرير الجريدة في بدايته إلى أن المعارضة تَعتبر هذه التعديلات "انقلابًا على الدستور"، وأوضحت أن المعارضة تعترض بالأساس على 3 نقاط، وهي: رفع الإشراف القضائي عن الانتخابات، ومنع تأسيس الأحزاب على أساس ديني، وجعل قوانين الطوارئ واقعًا في الحالة السياسية في البلاد من خلال تضمينها في قانون مكافحة الإرهاب.

وفيما يتعلق بجماعة الإخوان المسلمين قالت الجريدة إن تلك التعديلات بمنْع قيام الأحزاب على أساس ديني لم تمنع الإخوان من المضيِّ قُدمًا في خططهم لتأسيس حزب مدني ذي مرجعية دينية.

» بيان من الإخوان المسلمين بمقاطعة الاستفتاء على التعديلات
» الاستفتاء: اى نظام حكم تفضل فى بلدك ؟؟
» نور الشريف:تاريخ الإخوان ليس فيه قهر ولم يقوموا إلا بقتل ال
» د. عصام العريان يكتب: الإخوان المسلمون والتعديلات الدستورية