الارهاب الامريكى

لا شك أن أولئك الذين يعتقدون أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين الدول الإسلامية والاتجاهات المساندة للإرهاب سيصعقون عند اطلاعهم علي نتائج استطلاع رأي أظهرت أن الأمريكيين أكثر تأييدا للهجمات الإرهابية ضد المدنيين أكثر من أي دولة إسلامية كبري باستثناء نيجيريا.
وأظهر الاستطلاع الذي أجراه برنامج "اتجاهات الرأي العام الدولي" التابع لجامعة مريلاند في ديسمبر٢٠٠٦، أن ٤٦% فقط من الأمريكيين يعتقدون أن التفجيرات وشن هجمات مقصودة تستهدف المدنيين "أمر غير مبرر علي الإطلاق"، بينما يؤمن ٢٤% منهم أن هذه الهجمات "أحيانًا ما تكون مبررة".
وبمقارنة تلك الأرقام بنتائج استطلاع رأي أجرته منظمة "غد بلا إرهاب" في الدول الإسلامية الأكثر كثافة، مثل إندونيسيا وباكستان وبنجلاديش ونيجيريا، نجد أن ٧٤% من المستطلعة آراؤهم في إندونيسيا قالوا إن الهجمات الإرهابية "غير مبررة علي الإطلاق"، وفي باكستان وصلت تلك النسبة إلي ٨٦%، و٨١% في بنجلاديش.
فهل تعني تلك النتائج أن الأمريكيين هم الأكثر تعاطفا مع الإرهابيين؟ بالطبع لا. لكن الأمريكيين وغيرهم من الغربيين غالبا ما يميلون إلي ربط الإرهاب بالمسلمين، فاستطلاعات الرأي العام في الولايات المتحدة وأوروبا تظهر أن ما يقرب من نصف الغربيين يربطون الإسلام بالعنف والمسلمين بالإرهابيين، وبالنظر إلي كثرة المتطرفين الذين يرتكبون أعمال عنف باسم الإسلام، فإن هذه النتيجة التي توصل إليها الغرب تصبح مفهومة.
ولكن تلك الصور الذهنية النمطية عن الإسلام والتي يتم ترسيخها من خلال التغطية الإعلامية السطحية وتصرفات العديد من المتطرفين، تفتقر إلي تدعيمها بالحقائق، مما يعزز تأثيرها السلبي في الحرب علي الإرهاب، فعندما ينسب الغرب الآراء المتطرفة إلي كل مسلمي العالم البالغ عددهم ١.٥ مليار شخص، فإن ذلك يسهم في ترسيخ تلك الخرافات التي لها تأثير حقيقي في تهميش حلفاء أساسيين في الحرب علي الإرهاب.
وفي الحقيقة، فإن تعميق تلك الصور النمطية عن المسلمين يسهم فقط في تعزيز الميول المتطرفة عند أقلية من المسلمين الذي ينشرون مشاعر البغض تجاه الغرب وكأنها ممارسات دينية متأصلة.
وكشف أكثر من٢٠ استطلاعا للرأي أجرتها منظمة "غد بلا إرهاب" في دول إسلامية خلال العامين الماضيين عن مفاجأة أخري، فحتي الأقلية التي أعربت عن تأييدها الهجمات الإرهابية وأسامة بن لادن، أظهرت مساندتها لبعض الأعمال الأمريكية في بلدانها، فعلي سبيل المثال، قال ٧١% من مؤيدي بن لادن في إندونيسيا و٧٩% في باكستان أنهم يتبنون موقفا إيجابيا تجاه أمريكا كنتيجة للمساعدات الإنسانية التي تقدمها لبلادهم.
وبالنسبة للعديد من المبحوثين، فإنه يمكن اعتبار تأييدهم المعلن للإرهاب وبن لادن نوعًا من "التصويت الاحتجاجي" ضد السياسات الخارجية الأمريكية الراهنة، وليس نابعًا عن قناعات دينية راسخة، أو توجهًا مناهضًا بطبيعته للأمريكيين والغرب.
وفي الحقيقة، فإن العدو المشترك للجميع هو العنف والإرهاب، وليس المسلمين أو المسيحيين أو اليهود.
فاستطلاعات المنظمة تظهر أن المسلمين يرفضون الإرهاب ليس مثل الأمريكيين بل أكثر منهم، ولكنها تؤكد أيضا أنه يمكن استمالة أولئك الذين يتبنون أيديولوجية متطرفة من خلال أعمال أمريكية إيجابية تظهر حسن النية وتبعث أملا حقيقيا.
ويجب أن يكون هدف أمريكا الذي تسعي لتحقيقه من خلال شراكة حقيقية مع المسلمين، هو دحض الإرهاب من خلال عزل الإرهابيين عن مجتمعاتهم. وأكثر الاستراتيجيات فاعلية لتحقيق هذا الهدف هي التركيز علي القيم الإنسانية المشتركة، ويمكننا أن نبدأ بالاعتراف بأن المسلمين في جميع أنحاء العالم يرغبون في